تاريخ حضرموت

قِنَا، ميناء قديم في مملكة حضرموت

عُرف موقع بِيْر عَلِي الحالي منذ زمن بعيد باسم ميناء قِنَا القديم الذي جاء ذكره في النصوص القديمة منها كتاب «الطّواف حول البحر الإريتري» الذي تمت كتابته باللغة اليونانية في منتصف القرن الأوَّل الميلادي بغرض استخدامه من قبل التجار القادمين إلى المحيط الهندي. وقد نفذت بعثة روسية العديد من حملات التنقيب في هذا الموقع في الفترة ما بين 1972م و1989م. وبعد ذلك قامت البعثة الأثرية الفرنسية العاملة في الجوف وحضرموت بثلاث حملات تنقيب خلال الفترة ما بين 1995م و1997م بمبادرة من ألكسندر سيدوف من أكاديمية العلوم بموسكو. وقد ركزت أعمال البعثة الفرنسية على محيط المدينة ومخططها.

يعد قِنَا منشأة غير مسبوقة شيدتها السلطة الملكية في شَبْوَة عاصمة حضرموت في أواخر القرن الثاني أو في مطلع القرن الأول قبل الميلاد. وكانت هذه المملكة تسيطر على إنتاج البخور القادم من مرتفعات حضرموت وظَفَار. وكانت تصدر تلك الراتنجات العطرية بواسطة القوافل عبر طرق سير تتعدى جنوب شبه الجزيرة العربية. إلا أنه وفي مطلع القرن الأول الميلادي تزايدت التبادلات التجارية البحرية. وكانت السلطة في شبوة ترغب بالمشاركة في النهوض بهذه التجارة بين موانئ البحر الأحمر وشبه القارة الهندية، وفي تهيئة منفذ بحري لمنتجاتها العطرية. فكان عبارة عن مستودع محصن بموقع عسكري مرتفع يمكن من الحفاظ على البضائع ومراقبة البحر. كانت الملاحة البحرية في المحيط الهندي تستفيد من الرياح القوية التي تهب بشكل دوري من الشرق والشمال الشرقي – باتجاه الغرب والجنوب الغربي أثناء الرياح الموسمية في فصل الشتاء (أكتوبر– فبراير) ومن الغرب والجنوب الغربي باتجاه الشرق والشمال الشرقي خلال الرياح الموسمية في فصل الصيف (نهاية أبريل– سبتمبر). وبناء على أراء البحارة والخرائط البحرية كان ميناء قِنَا أفضل خليج بحري صغير على ساحل جنوب شبه الجزيرة العربية في المنطقة الواقعة بين عَدَن ورَأس الحَدّ في عُمَان.

تاريخ ميناء قنا: بوابة التجارة القديمة في حضرموت

ميناء قنا هو أحد أقدم الموانئ التاريخية في حضرموت، ويقع على ساحل بحر العرب في محافظة حضرموت. لعب دورًا محوريًا في التجارة البحرية منذ العصور القديمة، حيث كان محطة رئيسية في طريق البخور، الذي ربط جنوب الجزيرة العربية بحضارات العالم القديم، مثل مصر، وبلاد الرافدين، والهند، وروما.

العصور القديمة

يعود تاريخ الميناء إلى ما قبل الميلاد، حيث كان الميناء الرئيسي لمملكة حضرموت القديمة. وقد استخدمه التجار في تصدير البخور، واللبان، والمر، والتوابل، والأخشاب النادرة إلى الأسواق العالمية. ووفقًا للنصوص التاريخية، كان قنا بمثابة المركز التجاري لمملكة حضرموت التي ازدهرت بين القرن العاشر قبل الميلاد والقرن الثالث الميلادي.

العصر الإسلامي والوسيط

في العصر الإسلامي، استمر ميناء قنا في العمل كمركز تجاري مهم في حضرموت، حيث استُخدم لتصدير البضائع اليمنية مثل العسل والبن، واستيراد البضائع من الهند وشرق إفريقيا. كما كان له دور في نقل الحجاج والمسافرين عبر البحر.

التراجع والإهمال

مع مرور الزمن، تراجع دور ميناء قنا بسبب التغيرات الجغرافية والتجارية، حيث بدأت الموانئ الأخرى مثل المكلا في الاستحواذ على النشاط البحري، ما أدى إلى انخفاض أهميته تدريجيًا.

أهمية ميناء قنا اليوم

رغم تاريخه العريق، فإن ميناء قنا اليوم بحاجة إلى مشاريع ترميم وتطوير ليعود إلى نشاطه التجاري السابق. هناك محاولات حديثة لإعادة إحياء الميناء والتي يتبع إدارياً في الوقت الحالي لمحافظة شبوة، خاصةً بعد اكتشاف آثاره القديمة، التي تؤكد دوره كمركز اقتصادي رئيسي منذ آلاف السنين.

خلاصة

يُعد ميناء قنا شاهدًا على التاريخ البحري والتجاري لـ حضرموت، حيث لعب دورًا محوريًا في التجارة العالمية وكان همزة وصل بين الجزيرة العربية والعالم الخارجي منذ العصور القديمة وحتى العصر الإسلامي.

مخطط عام لمدينة قِنَا القديمة (خريطة هيلين دافيد من بعد بول سانلافيل وجويل سوير).
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!