تاريخ حضرموت

تاريخ مدينة الحامي وسبب التسمية

الحامي: منبع الاسم والأصل التاريخي

عُرفت الحامي بكونها من أقدم المستوطنات الحضرمية، وقد ذُكرت في سجلات المؤرخين والجغرافيين العرب. وصفها الرحالة الشريف الإدريسي في القرن الخامس الهجري بأنها “بلدة كبيرة بها حِمّة حامية يُستشفى بها العِلاء والمرضى”، ولا يزال موقع هذه الحِمّة معروفًا في منطقة “الليّه”، ومنها اشتُق اسم الحامي.
استمرت تعرف حتى ما بعد عام 1120هـ باسم “ماء الحامي”، ثم حُرِّف الاسم إلى “بلحامي” في القرن الثالث عشر الهجري، و”باحامي” في القرن الرابع عشر. ولم يثبت وجود أي قبيلة تحمل اسم الحامي كما يعتقد بعضهم. فالاسم التاريخي جاء نسبة إلى الحِمّة الحامية، أي العين الحارة التي كانت مقصدًا للمرضى للاستشفاء.

الحامي المحتمية وموقعها الجغرافي

تميزت الحامي بصفة “المحتمية” لوقوعها بين هضاب الجبال بحيث لا تُرى من عرض البحر، مما جنبها أضرار العدوان البرتغالي في القرن العاشر الهجري، إذ لم يتضرر سوى ساحلها فقط.
ومع نضوب المياه في العيون والآبار في منتصف القرن الثالث عشر الهجري، انتقل الأهالي إلى الساحل، فأصبحت تعرف بـ”الحامي القديمة” أو “الحامي الفوقية” أو “البلاد الفوقية”، وهي التسميات التي لا تزال متداولة بين الأهالي حتى اليوم.

الظاهرة والنسبة إليها

كان ساحل الحامي المأهول بالسكان يُعرف تاريخيًا باسم “الظاهرة”، وهي أرض زراعية خصبة منذ مئات السنين. وقد أشار المؤرخ الطيب بامخرمة في كتابه النسبة إلى المواضع والبلدان إلى هذه التسمية، نقلًا عن شيخه العلامة المؤرخ مسعود باشكيل (ت 848هـ).
ومن هذا الاسم جاءت تسمية المزارع بـ”الظواهر”، مثل: ظاهرة باحميد، وظاهرة القنبع، وظاهرة بن قمري. كما أُطلق على ساحل البحر اسم “الظهار”، وهو القاع الساحلي، كما أشار الربان باطايع بقوله:

خذ من خباره .. هلّب طرح في ظهاره
تعرف سعاره.. وإلا لقصد السقيه

بلاد الكسادي

في القرن الثالث عشر الهجري، عُرفت الحامي ببلاد الكسادي نسبةً إلى آل كساد اليافعيين الذين حكموها قرابة قرنين من الزمن، كما ذكر الربان باطايع في مرشدته:

طرّب ونادي .. سدّك بلاد الكسادي
الاسم جادي .. الحامي المحتمية



ويُشير هنا إلى أن “جادي” تعني أن الحامي اسمها ذائع الصيت وشهير، وليس اسمًا مستقلًا لها كما يظنه البعض.

ألقاب الحامي عبر العصور

عروس الشرق

لقبت الحامي في بداية القرن العشرين بـ”عروس الشرق”، كما جاء في بعض الصحف الحضرمية الصادرة في الخمسينات بمدينة المكلا تحت عنوان: (أمواج البحر تنذر عروس الشرق بكارثة)، إثر أضرار لحقت بالمنازل جراء أمواج البحر. وأشار الشاعر عوض حمدون إلى هذا اللقب قائلًا:

كانت عروس الشرق من سابق لها طابع وفن
ردوا إليها مجدها يرحمكم الرب الرحيم

تشبيهات أدبية

شبّه أبناؤها الحامي ببعض البلدان العربية الشهيرة مثل القاهرة ولبنان، كما في قول الشاعر سعيد باصالح:

> يقول بوسالم عزمنا ذا السنة للقاهرة
وبغيت لي صوتين في مكنون في نهار المزار



وكذلك الشاعر حسين المحضار الذي قال:

إن جيت ساحلها ما للعراق ولي
أوجيت روضتها ما لي وللشام
حسدت لبنان إلا بعد رؤيتها
علمت أن كلا القطرين تؤآمي


وقال الشاعر عمر العوش:

يقول شاعرنا عزمت الماخري أبغى الوطن
لبنان زينه من زمن مرعوشه


وقال الشاعر مبارك عوض الكلالي في غنائيته الشهيرة:

يا ظبي في لبنان أنا محتار حيرني الزمان


بلاد النواخيذ والممزر

لقبت الحامي أيضًا ببلاد النواخيذ، نظرًا لكثرة رجالات البحر الذين أنجبتهم في المجال الملاحي والمعرفي والفلكي عبر القرون الخمسة الماضية. كما كانت تُعرف بـ”الممزر” أي مكان التزود بالماء واستقاء السفن العابرة، بسبب وفرة ينابيعها المعدنية.


كتبه:
محمد علوي عبدالرحمن باهارون
رئيس جمعية إحياء التراث والثقافة والآثار بالحامي

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!