تاريخ حضرموت

الوعل في حضرموت.. موروث ثقافي بين الماضي والحاضر

الوعل في حضرموت.. موروث ثقافي بين الماضي والحاضر

منصة المكلا الثقافية – خاص

* تراث متجذر في الثقافة المحلية

يعد صيد الوعل في حضرموت من التقاليد المتوارثة التي تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ. ومع حلول فصل الشتاء، تحتفي المجتمعات المحلية بمهرجان “القنيص”، وهو مناسبة سنوية ينطلق خلالها الصيادون إلى الوديان والمرتفعات الجبلية في رحلات تمتد لأيام، بهدف ممارسة هذا النشاط الذي يُنظر إليه كجزء من الهوية الثقافية للمجتمع الحضرمي.

عند عودة الصيادين، تستقبلهم البلدات بالاحتفالات والأهازيج والرقصات التقليدية التي تعبّر عن الفخر بمهاراتهم، بينما تُعرض قرون الوعل في واجهة المنازل كتذكير بإنجازهم، في مشهد يعكس الروابط الاجتماعية العميقة التي تجمع أبناء المنطقة.

* جذور تاريخية لممارسة قديمة

يرتبط صيد الوعل في حضرموت بممارسات تاريخية تعود إلى حضارات جنوب الجزيرة العربية القديمة، حيث كان الوعل يُقدَّم كقربان خلال طقوس دينية قديمة مرتبطة بالزراعة واستجلاب المطر. ومع مرور الزمن، تحوّل هذا التقليد إلى نشاط اجتماعي يُبرز مهارات الصيد والانضباط، إلى جانب كونه فرصة لتقوية العلاقات بين أفراد المجتمع عبر الاحتفالات والفعاليات المصاحبة.

* تنظيم الصيد والحفاظ على التوازن البيئي

رغم استمرار هذا التقليد، فقد أصبح هناك وعي متزايد بأهمية تنظيم الصيد لضمان استمرارية وجود الوعل في بيئته الطبيعية. لذلك، يحرص المشاركون في المهرجان على الحد من أعداد الحيوانات التي يتم اصطيادها، حيث يُكتفى بعدد محدود من الذكور فقط، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على التوازن البيئي مع استمرار هذا الموروث الثقافي.

* تغير أساليب الصيد عبر الزمن

في الماضي، كانت أدوات الصيد تقليدية وتعتمد على مهارات الصياد وخبرته في تعقب الوعل، إلا أن التطور التكنولوجي غيّر من طبيعة هذه الممارسة، حيث باتت تُستخدم تقنيات حديثة تجعل عملية الصيد أكثر سهولة. ومع ذلك، لا يزال كثير من أبناء حضرموت يفضلون الطرق التقليدية التي تعكس مهارات الصيد الأصيلة.

* يوم مخصص للاحتفاء بالوعل

ويُذكر أن يوم 22 يناير أصبح مخصصًا ليكون “يوم الوعل”، حيث يتم تسليط الضوء على أهمية هذا الحيوان في الموروث الثقافي والتاريخي لحضرموت. ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز الوعي بأهمية استدامة هذا التقليد بأساليب تتناسب مع الحاضر، مع الحفاظ على دور الوعل في البيئة والتراث الحضرمي.

* نحو استدامة الموروث الثقافي

في ظل التغيرات البيئية والمجتمعية، تتزايد الدعوات للحفاظ على هذا الموروث الثقافي بأساليب تتناسب مع الحاضر، مثل إنشاء مناطق مخصصة للصيد المنظم وتعزيز الوعي البيئي بين الأجيال الشابة. ومن خلال التوازن بين الحفاظ على التقاليد واحترام البيئة، يمكن لهذا الإرث الثقافي أن يستمر كجزء من هوية حضرموت لعقود قادمة.

22 يناير يوم الوعل الحضرمي

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!