
المدرسة الوسطى في غيل باوزير .. صرح شامخ من صروح التعليم
هذا المبنى قبل ان يتحول الى مدرسة كان قلعة يسمى (الحصن الأزهر)
قام ببنائه حاكم غيل باوزير الأمير(منصر بن عبد الله بن عمر القعيطي)
في عام (1284هـ ) الموافق(1867م)
واستخدم هذا المبنى كمقر لحاكم الغيل وهو عبارة عن مبنى مكون من أربعة أدوار يحوي كل دور على عدد من الغرف ماعدى الدور الأخيرفقد تم بناء نصفه فقط وترك النصف الأخر ويتوسط مبنى الحصن من الداخل صحن مكشوف ..
الخطوات الاولى للنظام التعليمي في حضرموت :
كان لزيارة عميد معهد التربية (بخت الرضا الدويم) السوداني المستر (قريفيث) لحضرموت عام(1938م) دوراً إيجابياً في تأسيس المدرسة وذلك من خلال وضع خطة متكاملة لتنظيم التعليم في حضرموت على أسس علمية ومنهجية صحيحة جعلت من التعليم في حضرموت في تلك الفترة نبراساً يضئ السماء .. وكانت زيارة المستر (قريفيث) عميد معهد بخت الرضا السوداني بناء على طلب من المستشار المقيم بالمكلا المستر(إنجرامس) وعند زيارته الى حضرموت أوصى المستر (قريفيث) باستقدام الشيخ (سعيد القدال) ليكون مساعداً ثقافياً للمستشارالمقيم بالمكلا المستر(إنجرامس) ليتولى تنفيذ خطة عام 1938م لتنظيم التعليم في حضرموت . وبالفعل وصل الاستاذ (سعيد أيوب القدال) من السودان إلى المكلا في شهر إبريل عام 1939م .. وكان من ذوي المواهب المتعددة
وفي (9 يونيو1940م) وصل أيضاً الأستاذ (عوض عثمان مكي) إلى المكلا من السودان ليكون مساعداً للاستاذ سعيد القدال في مجال الدورات التدريبية والنشاطات المختلفة وكذا المناهج المدرسية ..
و في عام (1944م) بعد عودة المدرسه من المكلا الى الغيل تم تحويل مبنى الحصن رسمياً إلى مدرسة للتعليم المتوسط سميت بالمدرسة الوسطى أو وسطى غيل باوزير حيث كانت المدرسة الوحيدة بالسلطنة القعيطية آنذاك وقد اشتملت على قسم داخلي للطلاب القادمين إليها من عموم قرى ومدن السلطنة القعيطية ، وكان النظام الإداري والمدرسي في المدرسة الوسطى بالغيل نظام صارم جدا من حيث الدراسة والسكن الداخلي للطلبة من خارج غيل باوزير وكان والقبول مقيداً بـ(40)طالباً من جميع المدارس الابتدائية في حضرموت ثم تضاعف الرقم إلى (80) طالب في فترات لاحقه ..
وهكذا بدأت تسير العمليه التعليميه في المدرسة الوسطى
حيث تخرجت الدفعة الأولى عام (1944-1945م)
وتوالى تخريج الدفعات حتى الدفعة الحادية والعشرين عام(1964-1965م)
حيث وصل عدد الطلاب حتى آخردفعة (721) طالباً .
أما بالنسبة للدراسة فقد كان منهج المدرسة الوسطى يمكن تشبيهه بالمنهج الجامعي حيث كان الطالب يتحدث الانجليزية بطلاقة وهو في الصف الثاني أو الثالث وكمثال على ذلك فقد كان الدكتور فرج بن غانم رئيس الوزراء الاسبق رحمة الله وهو أحد طلاب المدرسة يخطب باللغة الانجليزية وهو في الصف الثاني هذا الى جانب أن الطلاب كان لديهم جريدة حائطية باللغة الانجليزية وأخرى عربية وليس ذلك فحسب فقد كان هناك انشطة اخرى تقوم بها الجمعيات المختلفة وكان لكل فصل مكتبته وكتبه الخاصة بالاضافة الى المكتبة العامة ..
هذا وقد أورد التربوي الجليل الاستاذ (محمد سعيد مديحج) في كتابه
(المدرسة الوسطى – المدرسة الام بغيل باوزير) ما يلي :
* الدفعة الاولى من طلاب هذه المدرسة كانت في عام (1941م / 1942م)
حينها انتقلت المدرسة من غيل باوزير الى المكلا في عام (1944م)
وكان من أبرز طلاب هذه الدفعة المؤرخ الكبير الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه والذي أصبح مديراً لها في عام 1955م ..
* الدفعة السابعة كانت في عام(1947م/1948م)
وكان المرحوم فيصل بن شملان من أبرز خريجي هذه الدفعة
* الدفعة الثامنة من طلاب هذه المدرسة كانت في عام (1948م / 1949م)
وكان عددهم (35) طالباً ومن أبرز طلاب هذه الدفعة :
الدكتور فرج بن غانم ، و حسين بن رباع ، وصالح علي بامطرف ،
وسعيد سالم جيشان وفاروق عثمان بن شملان وعمر أحمد العكبري
وعمر أحمد باصرة وعمر علي بامطرف وعبدالرحيم شيخان باوزير
وعمر سعيد مديحج وأحمد سالمين بن همام .. وغيرهم .
* الدفعة الثانية عشرة كانت في عام (1952م/1953م)
كان من أبرز طلابها المهندس حيدر ابوبكر العطاس ..
بالنسبة لهيئة التدريس يقول الاستاذ مديحج : تعاقب عشرات المدرسين للتدريس فيها ومنهم:
الاستاذ سعيد أيوب القدال
والاستاذ فيصل عثمان بن شملان
والاستاذ كرامة سليمان بامؤمن
و الاستاذ سالم محمد عبدالعزيز
والدكتورمحمد عبدالقادر بافقيه
والدكتور فرج سعيد بن غانم
والاستاذ محمد سعيد مديحج وغيرهم ..
المدراء الذين تولوا مسئولية المدرسة كان منهم يمنيين وغير يمنيين ومنهم :
الاستاذ محجوب زيادة (سوداني)
الاستاذ مبارك أحمد سالم (سوداني)
الاستاذ هاشم محمد علي مساعد (سوداني)
الاستاذ حسين خوجلي (سوداني)
الاستاذ عبدالله سعيد باعنقود
الاستاذ فيصل بن شملان
الاستاذ حسين بارباع
الاستاذ سعيد عوض باغوث
الدكتور محمد عبد القادر بافقيه
ويقول أيضاً الاستاذ محمد سعيد مديحج : انه كان هناك نظام ابتعاث للتعليم في الخارج حيث تم ابتعاث العديد من طلاب المدرسة ومنهم :
فيصل عثمان بن شملان ومحمد عبدالقادر بافقيه وفرج سعيد بن غانم وحيدر ابوبكر العطاس ومحمد سعيد مديحج وعبدالله سعيد عبدن وعبدالله بن سلمان وأحمد عمر بن سلمان وسعيد النوبان و عبدالله البار، و علي سالم البيض ، و صالح منصرالسيلي ، و عبدالرحمن بافضل وغيرهم الكثير ..
أما عن الأنشطة المختلفة التي كانت تمارس في المدرسة فهي :
(1) الدورية الصباحية(2) الصحافة(3) نادي صغار المزارعين
(4)الجمعية الإنجليزية(5)الدكان التعاوني(6) جمعية صغار العلماء
(7)المكتبة المدرسية(8) الجريدة الإنجليزية(9) الرياضة
(10) نادي الطلبة(11)جمعية الفنون(12) الكشافة
(13)جمعية التجليد(14)جمعية التمثيل(15)جمعية النجارة
(16)جمعية الموسيقى(17)جمعية اللغه العربية(18) البنك المدرسي
هذه الأنشطة المتنوعة جعلت من المدرسة الحاضن الأول للطالب من خلال حريته في اختيار هواياته وممارستها بكل ثقة وحرية تامة دون أية تعقيدات وكذا رعاية خاصة من القائمين على جمعيات الأنشطة المختلفة من خلال التوجيه والإرشاد لإفراغ إبداعات الطلاب حسب التخصصات المتنوعة .
وبهذا فإن شخصية خريجي المدرسة الوسطى بالغيل تتجلى فيها الصفات المطلوبة من اكتساب معارف ومعلومات ومثابرة وحب للعمل الجماعي والشجاعة والاعتماد على النفس .
وقد طبق هذه الصفات خريجين المدرسة الوسطى في أعمالهم الإدارية والفنية والعملية وانضمامهم في المدارس الثانوية والكليات والجامعات في الداخل والخارج حيث تم التحاقهم بالسلك التربوي والدبلوماسي والوزارات واستلامهم أعلى المناصب .
هذا و يذكر الاستاذ محمد سعيد مديحج في مقابلة صحفية مع جريدة(26 سبتمبر) ان هذه المدرسة كان لها السبق في النضال من أجل الحرية والاستقلال حيث يقول :
في منتصف الخمسينات كانت قوات الاحتلال البريطاني قد زادت في تضييق الخناق علينا مما ادى إلى انتفاضة1958م في غيل باوزير والتي فيها احرقنا العلم الانجليزي وسيارة تابعة للاحتلال وامتداداً لتلك الانتفاضة تحركت عدن ولأول مرة شاركت كل المدارس في تلك الانتفاضة والتحم المدرسون مع الطلاب وكانت الشرارة التي أدت إلى ذلك قد انطلقت من كلمة قيلت في مسرح المدرسة ووصل صداها إلى ردفان وكل بقاع الجنوب المحتل ..
هذه هي المدرسة الوسطى الرائدة الأولى في مجال التعليم التي تخرج منها قادة و رؤساء و وزراء وسفراء وغيرهم من الذين خدموا الوطن في مختلف ميادين العطاء والإنتاج .. ذلك التعليم الصحيح المتناغم مع الواقع وما يتبعه من أنشطة خارج الصف وممارسة حقيقية للهوايات وتنميتها عبر طرقها الصحيحة و التعامل مع المختصين ذوي الخبرة حتى يتم صقل المواهب واختلاط ذلك بالعلوم المكتسبة من التعليم في هذه المدرسة الرائدة في حضرموت آنذاك عبر سنوات خلت كانت لها الأثر الكبير في نفوس الخريجين ومن عاشرهم وتعايش معهم بالحب والإيمان بالعلم نوراً لطريق الألف ميل في هذه الحياة ..